نبابريس.س.بنعبدالله
في ليلة باردة من ليالي شهر دجنبر عام 2019، وفي الساعة 10:30 مساء، كان كارلوس غصن، أحد العمالقة السابقين في قطاع صناعة السيارات العالمية، ممددا داخل صندوق على متن طائرة في انتظار الفرار من اليابان.
ويتحدث غصن، في مقابلة حصرية لبي بي سي، عن الطرق التي كان يتنكر بها ليسير في شوارع طوكيو دون أن يعرفه أحد، ولماذا وقع الاختيار على صندوق كبير للمعدات الموسيقية ليهرب داخله من اليابان، والفرحة التي شعر بها عندما وصل أخيرا إلى وطنه، لبنان..”.
نُقل غصن إلى مركز احتجاز في طوكيو، وهناك استلم ملابس السجن وحُبس في زنزانة، ويقول: “فجأة أصبح يتعين عليّ أن أتعلم كيف أعيش بدون ساعة، بدون جهاز كمبيوتر، بدون هاتف، بدون أخبار، بدون قلم – بدون أي شيء”.
قضى غصن، على مدار أكثر من عام، فترات طويلة في الحبس أو رهن الإقامة الجبرية في طوكيو بعد الإفراج عنه بكفالة.
قرر غصن العثور على مخرج من الأزمة، خلال فترة الإقامة الجبرية، عندما قيل له إنه لن يُسمح بأي اتصال مع زوجته كارول.
وقال: “كانت الخطة هي إخفاء وجهي، لذا يجب أن أختبيء في مكان ما. كانت الطريقة الوحيدة التي يمكن أن أختبيء بها هي أن أكون داخل صندوق أو داخل حقيبة أمتعة، حتى لا يستطيع أحد رؤيتي، ولا يمكن لأحد التعرف عليّ، ويُكتب للخطة النجاح”.
وأضاف أن فكرة استخدام صندوق كبير يحتوي عادة على آلات موسيقية “كانت أكثر منطقية، خصوصا أنه في ذلك الوقت كانت تُنظم في اليابان الكثير من الحفلات الموسيقية”.
ولكن كيف يستطيع شخص مشهور جدا، أصبح الآن سيء السمعة، في اليابان الانتقال من منزله في العاصمة والذهاب إلى المطار ثم الهرب؟
يقول غصن إن الخطة كانت تتمثل في التصرف بشكل طبيعي في ذلك اليوم قدر الإمكان.
ويضيف: “يجب أن يكون يوما عاديا، أمارس فيه المشي بشكل طبيعي بملابس عادية، وسلوك طبيعي، على أن يتغير كل شيء فجأة”.
سيتعين على غصن تغيير البدلات، التي اعتاد أن يرتديها لسنوات كمسؤول تنفيذي رفيع المستوى في قطاع السيارات العالمي، بشيء آخر غير رسمي إلى حد ما، ففكر في ارتداء الجينز والأحذية الرياضية.
ويقول: “لك أن تتخيل أنني اضطررت للذهاب إلى أماكن لم أزرها من قبل، وأشتري ملابس لم أشترها من قبل”.
ويضيف: “كل هذا يعد جانبا من طريقة تضمن بها لنفسك أقصى احتمال لتحقيق النجاح، مع عدم لفت الانتباه لشخصك على الإطلاق”.
من طوكيو سافر غصن بالقطار السريع إلى أوساكا حيث كانت طائرة خاصة تنتظره في مطار محلي للمغادرة. اما الصندوق فقذ وضع في فندق قريب حتى ياتي غصن ويختبا به.
ويقول: “عندما تدخل الصندوق، لا تفكر في الماضي، ولا تفكر في المستقبل، بل فكر فقط في اللحظة التي تعيشها”.
ويضيف: “لست خائفا، لا توجد عاطفة باستثناء التركيز الكبير على أن” هذه هي فرصتك، لا يمكن إضاعتها. فإن ضاعت، ستدفع مقابلها حياتك، حياة العيش رهينة في اليابان”.
نُقل غصن من الفندق إلى المطار بواسطة رجلين، الأب والابن مايكل وبيتر تايلور، كانا ينتحلان صفة موسيقيين.
ويعتقد غصن عموما أنه ظل داخل الصندوق لمدة ساعة ونصف تقريبا، على الرغم من أن الأمر بدا وكأنه استمر لمدة “عام ونصف”.
أقلعت الطائرة الخاصة في الوقت المحدد، وحلّق غصن، الذي أصبح الآن حرا، ليلا، وبدّل الطائرة في تركيا قبل أن يهبط في بيروت صباح اليوم التالي
مشاركة فيسبوك تويتر واتساب
تعليقات الزوار ( 0 )